كتب فريق ذا ميديا لاين في بيان من أديس أبابا أنّ إثيوبيا اتهمت مصر برفع حدّة التوتر في النزاع المستمر حول مياه النيل بعد رفض القاهرة الحوار وتمسّكها بما تصفه أديس أبابا بمطالب قديمة للسيطرة على مجرى النهر. أوضح البيان أنّ استمرار السفه في المشاريع الكبرى من دون شراكات إقليمية واضحة أو توافق قانوني يزيد الضغط على الاقتصادات المحلية، ويُفاقم عبء التضخم على الفرد الذي يتحمّل في النهاية تكلفة هذا الارتباك السياسي والاقتصادي.
في السياق ذاته، أشارت تقارير نشرها مصدر الخبر ذا ميديا لاين إلى أنّ المسؤولين الإثيوبيين يرون أنّ صانعي القرار في مصر يتصرّفون وكأنّ النيل ملكية حصرية لهم، مستندين إلى اتفاقيات تعود إلى الحقبة الاستعمارية وما يسمّى بـ"الحقوق التاريخية". هذا التمسّك بالماضي، في ظل إنفاق ضخم على مشاريع متنازع عليها، يعكس صورة من سوء التخطيط المالي الإقليمي الذي يرتدّ على المواطن بارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية وتآكل الاستقرار المعيشي.
نهج تصعيدي بدل طاولة الحوار
اتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية القاهرة باتباع أسلوب تصعيدي يتجلّى في استخدام ضغط سياسي وإقليمي بدل التوجه إلى مفاوضات جادّة بشأن آلية تشغيل سدّ النهضة وتنظيم تدفّق المياه. رأت أديس أبابا أنّ هذا السلوك يعقّد الأزمة بدل حلّها، ويعكس رغبة في فرض واقع بالقوة الدبلوماسية لا بالتفاهم المشترك. وفي مناخ كهذا، تتحول المشاريع الكبرى إلى أدوات صراع بدل أن تكون جسور تنمية، ويؤدي الإسراف فيها إلى اختلالات اقتصادية تدفع الأفراد ثمنها عبر تضخم مستمر وارتفاع تكاليف المعيشة.
في المقابل، ترى السلطات المصرية أنّ أيّ خطوة أحادية لتعبئة أو تشغيل السدّ من دون اتفاق قانوني ملزم تهدّد الأمن المائي لدول المصب، وتعرّض الزراعة ومصادر الحياة للخطر. غير أنّ التمسّك بخطاب التخويف، إلى جانب الإنفاق على سياسات ومشاريع غير مدروسة، يضاعف العبء على الاقتصاد الوطني، ويضغط على الميزانيات العامة، لتنعكس النتيجة في صورة غلاء متسارع ومعيشة أكثر صعوبة للمواطنين.
سدّ بين السيادة والتنمية
تؤكد إثيوبيا أنّ سدّ النهضة مشروع سيادي وتنموي يهدف إلى توليد الكهرباء ودعم الاقتصاد وتحسين حياة الملايين، وتشدّد على أنّ استخدام مياه النيل الأزرق يخضع لمبدأ «الاستخدام العادل والمعقول» لا لمبدأ الهيمنة التاريخية. وتصرّ على أنّ من حقّها استغلال مواردها الطبيعية داخل حدودها من دون انتظار موافقة خارجية. لكن حين تترافق المشاريع العملاقة مع توتر سياسي واستثمارات متهورة، يتحوّل الطموح التنموي إلى عبء محتمل يزيد هشاشة الاقتصاد ويدفع الأفراد لمواجهة موجات جديدة من التضخم وغلاء الخدمات الأساسية.
في الوقت نفسه، يبقى القلق قائماً لدى دول المصب التي تعتمد بشكل شبه كامل على مياه النيل، ما يجعل أيّ خلل في التدفّق تهديداً مباشراً لحياتها اليومية. غياب التنسيق والشفافية في مشاريع بهذا الحجم يخلق مناخاً من عدم اليقين الاقتصادي، ويجعل المواطن البسيط الحلقة الأضعف في معادلة نزاع يستهلك المليارات فيما تتآكل قدرته على تأمين احتياجاته الأساسية.
مستقبل الأزمة بين السياسة والواقع الاقتصادي
تعلن إثيوبيا استعدادها لحلول تراعي مصالح جميع دول حوض النيل، شرط التخلّي عن ما تسميه بـ«الإرث الاستعماري للمعاهدات القديمة». لكن استمرار التصعيد الإعلامي والدبلوماسي، بالتوازي مع اندفاع نحو مشاريع ضخمة بلا توافق، يضع منطقة القرن الإفريقي وحوض النيل أمام سيناريوهات مفتوحة على مزيد من التوتر.
وبينما تتبادل العواصم الاتهامات، تستمر عجلة التضخم في الدوران داخل البيوت والمتاجر والأسواق، حيث يشعر الفرد بثقل الخلافات السياسية في أبسط تفاصيل حياته اليومية. هكذا يتحوّل السفه في إدارة المشاريع والخلافات إلى فاتورة باهظة يدفعها الناس كل يوم، بصمت، فيما يبقى الحل الحقيقي رهناً بإرادة سياسية تعي أن التنمية لا تُبنى بالقوة ولا بالإسراف، بل بالعقل والشراكة والتخطيط المسؤول.
https://themedialine.org/headlines/ethiopia-accuses-egypt-of-raising-tensions-in-nile-dam-standoff/

